أهرامات لجدار: معالم جنائزية غامضة في ولاية تيارت
الموقع الجغرافي
تقع أضرحة “لجدار”، التي تُعرف أيضًا باسم المعالم الجنائزية، في منطقة هامة على بعد حوالي 30 كم جنوب غرب مدينة “تيارت” الجزائرية، وعلى بعد 15 كم شمال شرق مدينة “فرندة”، وعلى بعد 7 كم جنوب شرق مدينة “مدغوسة”. هذه المعالم ليست مرتبطة بأي شكل من الأشكال بالأهرامات المصرية، بل هي هياكل مستقلة تمامًا تعكس ثقافة وتاريخًا محليًا فريدًا.
التاريخ والأهمية الأثرية
يرجح أن تعود هذه الأضرحة إلى القرن الرابع الميلادي. على الرغم من قدمها وقيمتها التاريخية الكبيرة، إلا أنها تواجه خطر الاندثار بسبب الإهمال. يُطلق السكان المحليون اسم “لجدار” أو “الاجدار” على هذه القبور الجنائزية، وهو مصطلح يشير إلى الجدار أو الحائط. ويُعتقد أن هناك آثارًا أخرى في مدينة توسنينة ترتبط بشكل كبير بمعالم لجدار، لكنها لم تُكتشف بعد بشكل كامل.
خلال فترة الاستعمار الفرنسي وأوائل الاستقلال، أجريت دراسات مكثفة على هذه المدافن، مما كشف عن حقائق علمية هامة تتعلق بالجانب الديني والفني والمعماري لسكان تلك الحقبة. كما أظهرت هذه الدراسات العديد من الممارسات والعادات الجنائزية والفنون الهندسية المختلفة التي كانت شائعة في ذلك الوقت.
توزيع الأهرامات
تقع معالم لجدار على مرتفعات جبلية تعرف بـ “لخضر” و”العراوي”، التي تشرف على كامل سهل “سرسو” الممتد نحو الشرق. يبلغ عدد هذه المعالم 13 معلماً، موزعة على مجموعتين تختلفان من حيث العمر والأهمية.
المجموعة الأولى: أضرحة جبل “لخضر”
تتكون المجموعة الأولى من ثلاثة أضرحة تقع على قمم جبال “لخضر”، المحاذي للضفة اليمنى لوادي “مينة”. يُعرف هذا الجبل بجبل “لجدار”.
المجموعة الثانية: مقبرة “ترثاثن”
أما المجموعة الثانية، التي تُعرف باسم “ترثاثن”، فهي تتألف من عشرة معالم تقع بالقرب من بلدية “الحواريف”. يُعتقد أن هذه المعالم تشكل مقبرة حقيقية تنتشر على سفوح جبل “العراوي”، الذي يبعد حوالي 2.5 كم عن جبل “لخضر”.
ضريح جبل العراوي
يُعد ضريح جبل “العراوي”، الذي يبلغ ارتفاعه 1283 مترًا، أكبر أضرحة لجدار على الإطلاق. يظهر الضريح ككتلة من الركام نتيجة تهاوي بعض المدرجات وأجزاء من الجدران. ويتميز الضريح بوجود زخارف ورسوم متنوعة، بالإضافة إلى بعض الكتابات التي تزين الجدران.
ضريح جبل لخضر
يتميز جبل “لخضر” بموقعه الهام وتنوع منشآته الداخلية والخارجية. يحتوي على أروقة وغرف داخلية، فضلاً عن فناء ومنصة شرفية وسور كبير.
الدراسات الأثرية
في عام 1938، قام الباحث “داروفو”، بمساعدة من “مني”، بدراسة معمقة لمعلم لجدار. وفقًا لتقريره، ينقسم الشكل الخارجي للضريح إلى قسمين رئيسيين: القاعدة والهرم المدرج. يبلغ متوسط طول جدران القاعدة 34.60 مترًا، وارتفاعها 4 أمتار. تتكون القاعدة من حوالي 8 مداميك من الحجر الكلسي المنحوت، تم وضعها بإحكام لتفصل بينها فواصل دقيقة. على عكس ضريح الرومية (مدغاسن)، الذي بُني باستخدام أحجار كلسية ورملية مشدودة بملاط كلسي، يظهر ضريح لجدار ببناء متين ودقيق.
التصميم والشكل
لم يبقَ من المدرجات الهرمية سوى الخمسة الأولى الواقعة في المنحدر الشرقي، حيث انزلقت الأجزاء الأخرى إلى الأسفل. يتميز المظهر الخارجي للجدار بفناء واسع محاط بجدران الضريح والسور.
منصة الشرف
توجد منصة شرفية في الضريح الصغير الذي يقع على بعد 3.80 كم شرقي الضريح الرئيسي. تتألف المنصة من بناء مستطيل بجدران مزدوجة ومربعة الزوايا. طول المنصة 26.50 مترًا وعرضها 16.50 مترًا، وتحيط بها حوائط ساندة مقصبة من الجوانب الثلاثة.
الاكتشافات الأثرية
تم اكتشاف ستة أحواض منحوتة بجودة عالية وموزعة على طول الجدران. تشير هذه الاكتشافات إلى تطور كبير في الهندسة المعمارية وتفنن كبير في الزخرفة والتصميم.
اترك تعليقاً