تقع مغارة ابن خلدون في ولاية تيارت، الجزائر، وهي ليست مجرد معلم طبيعي فحسب، بل تعد أيضًا رمزًا ثقافيًا وتاريخيًا يرتبط باسم أحد أعظم المفكرين في التاريخ الإسلامي والعالمي، عبد الرحمن بن خلدون.
تعتبر هذا المكان الذي لجأ إليه ابن خلدون في فترة من حياته، وهي التي ألهمته في كتابة بعض من أبرز أفكاره وأعماله.
الموقع والتاريخ
تقع مغارة ابن خلدون في منطقة جبلية وعرة بولاية تيارت، على بعد حوالي 50 كيلومترًا من مركز المدينة, قرب مدينة فرندة ، غرب مركز الولاية تيارت ، على ارتفاع 1030م عن سطح البحر بسفح جبل كاف الحمام .
يعود تاريخها إلى الفترة التي عاش فيها ابن خلدون ، ويعتبر من أبرز الفلاسفة والمؤرخين وعلماء الاجتماع في العالم.
لجأ بن خلدون إلى المكان بعد خلاف وقع بينه و بين أهل مدينة تلمسان ، عاصمة الزيانيين ( الزيانيون قبيلة زناتية أسست مملكة في القرن 14م و كانت عاصمتها تلمسان ) فأرسله السلطان الزياني إلى ضواحي بسكرة لإبرام الصلح مع بعض القبائل الهلالية ، لكن ابن خلدون حاد عن مساره و التجأ إلى المكان المسمى تاوغزوت ، أو قلعة بني سلامة ( قرب فرندة حاليا، بين تيارت و معسكر )
المكان الذي كان تحت حكم قبيلة أولاد عريف ( إحدى قبائل زناتة من بني توجين ، عرش بني يدللتن ) ، إستقبل أمراء بني سلامة العلامة ابن خلدون و اقترحوا عليه الإقامة في قصر إلا أنه فضل الإقامة داخل مغارة اتخذ منها خلوة بعيدا عن أعين الناس ، للتفرغ إلى تأليف كتابه الشهير ( كتاب العبر ) الذي كتب مقدته داخل المغارة بين سنوات 1374م و 1379م ، مقدمة تدرس اليوم في أكبر جامعات العالم ، وضع فيها ابن خلدون أسس علم الإجتماع .
أهمية المغارة في حياة ابن خلدون
ترتبط ارتباطًا وثيقًا بفترة من العزلة التي اختارها المؤرخ والفيلسوف الشهير للتأمل والتفكير. خلال فترة إقامته في هذه المغارة، قام ابن خلدون بوضع أسس نظريته الاجتماعية والفلسفية، والتي عُرفت فيما بعد باسم “مقدمة ابن خلدون”.
تعتبر هذه المقدمة إحدى أهم الأعمال الفكرية في التاريخ، حيث تناول فيها ابن خلدون مفاهيم جديدة حول نشوء الدول وسقوطها، ودور العصبية في بناء المجتمعات، وعوامل تطور الحضارات.
أهمية المغارة في الثقافة الجزائرية
تعتبر مغارة
ابن خلدون جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي الجزائري، فهي تذكر الجزائريين والعالم بأسره بالعمق التاريخي والثقافي للجزائر. كما تمثل المغارة رمزًا للفكر المستنير والتأمل العلمي الذي كان يتميز به ابن خلدون، وهو ما ينعكس في الاحتفاء الدائم بإرثه الفكري في الجزائر والعالم العربي.
صنفت مغارة ابن خلدون خلال الفترة الإستعمارية سنة 1948م ، و أعيد تصنيفها بعد الإستقلال سنة 1967م ، لكنها اليوم عرضة للإهمال و التخريب ، المكان الذي كان قبلة للسياح من كل مناطق العالم
اترك تعليقاً